وزير البترول والثروة الطبيعية (1990-1994)
أمين عام المجلس الأعلى للبترول بدولة الإمارات العربية المتحدة (1994-2011)
الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية /ادنوك/ (1994-2011) | رئيس مجلس إدارة شركة بروج (1998-2011)
الثروة الحقيقية هي ثروة الرجال، وليس المال والنفط. ولا فائدة في المال إذا لم يسخّر لخدمة الشعب. «
الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة
جسد، معالي يوسف بن عمير، الرئيس التنفيذي السابق لشركة بترول أبوظبي الوطني أدنوك ورئيس مجلس إدارة شركة بروج السابق، مقولة المغفور له الشيخ زايد رحمه الله خير تمثيل. فهو موهبة إماراتية رعتها القيادة في سن مبكرة آنذاك ليشغل على مدار حياته المهنية بعضاً من أعلى المراتب في صناعة الطاقة بالإمارات.
كان من بين إنجازاته الرئيسية ريادة قطاع البتروكيماويات والكيماويات في دولة الإمارات العربية المتحدة، وإنشاء شركة بروج التي تعد أول وأكثر مشاريع التكرير والبتروكيماويات نجاحًا في الدولة، وساهم بشكل كبير في تنويع الاقتصاد المحلي وتمكين تدريب الشباب الإماراتي وتطوير قدراتهم. لقد ترك معاليه إرثاً دائماً مبنياً على القيم والنزاهة والشغف بالتميز ومدفوعاً بالعطاء لبلده وأبناء وطنه.
ولمساهماته في صناعة التكرير والبتروكيماويات في دولة الإمارات العربية المتحدة في مراحلها الأولى من تطورها ولدوره في إرساء أسس مؤسسة بتروكيماوية محلية دائمة، يتشرف الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات “جيبكا” والكيماويات بمنح معالي. يوسف بن عمير من رواد صناعة الكيماويات في الخليج العربي، “جائزة الرواد”
بدايته
ولد يوسف بن عمير في 11 نوفمبر 1957 في إمارة أبوظبي. كان والده رجل أعمال بارز في مجالات السفر والعقارات والتجارة. وفي الوقت الذي بلغ فيه بن عمير سن الرشد لمتابعة دراسته الرسمية، كان شائعاً في الخليج أن يلتحق الشباب الأذكياء والقادرون بجامعات مرموقة في الغرب من أجل أن يحصلوا على أعلى مستوى من التعليم ومن ثم العودة لتطوير قاعدة صناعية قوية والمساهمة في التنمية الاقتصادية لبلدهم. وتماشياً مع ما جرت به العادة آنذاك، سافر بن عمير إلى الخارج في عام 1975 حيث كان يبلغ من العمر 18 عامًا فقط ليبدأ مشوار تعليمه العالي. وفي عام 1979 تخرج من جامعة أريزونا، توكسون في الولايات المتحدة الأمريكية بدرجة بكالوريوس العلوم في الاقتصاد.
وظيفة مبكرة
بعد عامين فقط من حصوله على شهادته الجامعية، تولى يوسف بن عمير منصب رئيس قسم الشرق الأقصى في هيئة أبوظبي للاستثمار، وهو المنصب الذي ظل فيه حتى عام 1990. وخلال هذه الفترة، شغل منصب عضو مجلس إدارة شركة أبوظبي الوطنية للتأمين. كانت صناعة الطاقة في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، تعتبر العمود الفقري للاقتصاد على المستويين الوطني والإقليمي. وكان هذا والنمو السريع والأهمية التي اكتسبته هذه الصناع هي التي جذبته لدخول هذا القطاع، حسب قوله. لكنه لم يكن يعلم حينها أنه سيصل إلى درجة تمثيل بلده على مسرح الطاقة العالمية وأن يكون جزءاً من المنظمة الدولية الأكثر نفوذاً في العالم والتي تضم 13 دولة مصدرة للنفط.
دخل بن عمير معترك الطاقة الإماراتية في عام 1990، عن عمر يناهز 33 عامًا. وتم تعيينه وزيراً للبترول والثروة الطبيعية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وعهد إليه بالمهام الجسيمة المتمثلة في تطوير قطاع النفط والغاز وتنويعه خاصة في مجال التكرير. وتولى يوسف بن عمير هذا المنصب على ضوء تعديل وزاري جرى في 20 نوفمبر من العام نفسه، ليحل محل مانع سعيد العتيبة، وبذلك أصبح ثاني وزير نفط منذ إنشاء دولة الإمارات العربية المتحدة. عمل في هذا المنصب حتى عام 1994، لينتقل بعدها إلى منصب الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) وأمين عام المجلس الأعلى للبترول في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث شغل هذا المنصب لمدة 17 عامًا حتى عام 2011.
في وقت استلام بن عمير زمام قطاع النفط في الدولة، كانت أبوظبي أكبر منتج للنفط في الإمارات العربية المتحدة بإنتاج بلغ حينها 2.3 مليون برميل من النفط يوميًا. وخلال فترة عمله، شارك بن عمير في قيادة استراتيجية الطاقة الإماراتية إلى جانب مهامه في إرساء أسس التعاون مع الدول الأخرى على المستويين الإقليمي والدولي، وضمن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). وكانت استراتيجية الدولة فيما يتعلق بقطاع الطاقة هي الحفاظ على استقرار أسعار الطاقة من خلال التعاون مع الدول الأخرى أما محلياً، فكان الهدف هو تطوير صناعة تكرير الهيدروكربونات وتعظيم قيمة كل قطرة نفط.
تطوير قطاع التكرير
بصفته الرئيس التنفيذي لشركة أدنوك والأمين العام للمجلس الأعلى للبترول في دولة الإمارات العربية المتحدة، لعب بن عمير دوراً أساسياً في تنمية وتنويع قطاع التكرير لكل من أدنوك والإمارات العربية المتحدة، والذي بدأ في الثمانينيات من القرن الماضي. وخلال هذه الفترة من عمله في المناصب الرئيسية كان لمعاليه الدور الرائد في تأسيس صناعة بتروكيماوية قوية للبلاد.
ومع ازدهار قطاع الاستكشاف والإنتاج، كانت الأولوية الرئيسية هي توسيع وتنويع القاعدة الصناعية، وتعزيز التكامل بين جميع الأنشطة، بما فيها المصافي والبتروكيماويات والأسمدة إلى جانب تقليل النفايات المتمثلة بالغاز المصاحب “المشتعل”. ولتحقيق ذلك، شرعت أدنوك بالاستثمار في قطاع البتروكيماويات من خلال تأسيس شركة الرويس للأسمدة (فيرتيل)، المعروفة اليوم باسم أدنوك للأسمدة لتكون واحدة من أولى شركات البتروكيماويات في المنطقة بعد أن بدأت الإنتاج التجاري في عام 1983.
تأسيس شركة بروج
كانت الخطوة التالية هي إنشاء شركة بروج في عام 1998، كمشروع مشترك بين أدنوك وبورياليس، المملوكتين من قبل مبادلة وشركة أو أم في للنفط والغاز، حيث لعب بن عمير دوراً أساسياً في إنشاء مصنع للبتروكيماويات في أبوظبي قادر على المنافسة عالمياً. ويعد إنشاء شركة بروج خطوة إستراتيجية مهمة للبلاد، والتي جاءت مدفوعة بضرورة الاستفادة القصوى من المواد الأولية التي توفرها إمارة أبوظبي والبراعة التقنية والخبرة الفنية لشركة بورياليس إلى جانب تطوير مهارات وقدرات الكوادر البشرية. وهو الأمر الذي جعل من بروج واحدة من أنجح المشاريع القائمة على الشراكة والابتكار والثقة.
كان تأسيس شركة بروج ذا أهمية تاريخية للإمارة وعلامة بارزة في تطوير صناعة البتروكيماويات في الدولة، لاسيما في ظل توافر مجموعة من المقومات التي لعبت دوراً حاسماً في إنجاح هذا المسعى ومن بينها توافر الإيثان كعنصر أساسي في إنتاج البتروكيماويات ووجود موارد بشرية مؤهلة تأهيلا عاليا وقدرات بحثية قوية وتكنولوجيا متقدمة.
وضع بن عمير أسس شركة بروج التي تطورت على مر السنين لتصبح شركة ناجحة على مستوى عالمي للبولي أوليفينات ، تجمع بين تكنولوجيا الإنتاج والمواد الأولية التنافسية من أدنوك. بدأت بروج عملياتها في عام 1998 ومنذ ذلك الحين ضاعفت حجم عملياتها ثلاث مرات لتصل إلى 4.5 مليار دولار أمريكي من خلال ثلاثة مشاريع ضخمة، وهي تحتل حالياً المرتبة التاسعة من حيث الطاقة الإنتاجية.
إنجازاته
من المهم ملاحظة أن مساهمة بن عمير في صناعة التكرير والبتروكيماويات في الإمارات العربية المتحدة تمتد إلى ما هو أبعد من إنشاء بروج، حيث إنه وبصفته رئيس مجلس إدارة شركة بروج والرئيس التنفيذي لشركة أدنوك، فقد قاد أيضًا عملية تكامل أنشطة التكرير في أبوظبي، فضلاً عن التوسع في أعمال المصافي ومعالجة الغاز وعمليات التنقيب والإنتاج والتكرير.
كانت زيادة الطاقة الإنتاجية للنفط والغاز ضرورة لبن عمير خلال فترة عمله في أدنوك، وذلك تماشياً مع رؤية الدولة لزيادة السعة وتوفير المواد الأولية المستدامة لتطوير أنشطة التكرير وتوفير الطاقة للبتروكيماويات والعمليات الأخرى التي تستهلك الكثير من الطاقة. وتم تحت قيادته في سبتمبر 2006، الإعلان عن خطط لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي في أبوظبي من 4.5 مليار قدم مكعب إلى 6 مليارات قدم مكعب يوميًا بحلول عام 2008. ولتحقيق ذلك شرعت أدنوك باستثمار 6 مليارات دولار.
شغفه بتطوير القدرات البشرية
يؤمن بن عمير بضرورة تطوير القوى العاملة المحلية وبناء قدرات البحث والابتكار المحلية، والتي من شأنها أن تصبح الأساس الذي تحتاجه الدولة لتعزيز صناعة بتروكيماويات مبتكرة ورائدة عالمياً بالمستوى الذي نراه اليوم. لذلك أسس عددًا من المعاهد المهنية والتدريبية والبحثية بما في ذلك مركز بروج للأبحاث ومركز تكرير للأبحاث وأكاديمية أدنوك الفنية والمعهد البترولي. وقد تم إنشاء هذه المعاهد بهدف منح الإماراتيين الشباب والمتحمسين فرص متنوعة للعمل في صناعة الطاقة دون الحاجة إلى الذهاب بعيداً خارج الحدود.
رؤية بن عمير جعلت من بروج مؤسسة مختلفة من خلال إنشاء أول مركز ابتكار مخصص لأبحاث البوليمرات وتطويرها. وعلى الرغم من افتتاح المركز بعد أربع سنوات على مغادرته إلا أنه تأثر برؤيته وثقافة التميز التي غرسها في عمل الشركة، حيث حصل المركز حتى الآن على أكثر من 600 براءة اختراع، ويشغل 11 مكتباً عبر البلاد ويدير بنجاح شبكات سلسلة الإمداد، وخدمة العملاء عبر 50 دولة في الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا.
ولعب بن عمير دورًا فاعلاً في تطوير المعهد البترولي الذي ساعد في إعداد وتأهيل المواطنين لدخول القوى العاملة البتروكيماوية في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال صياغة شراكات استراتيجية مع العديد من الجامعات الدولية، ولا سيما كلية كولورادو للمناجم وجامعة ليبونو وجامعة ميونيخ للتكنولوجيا. وخلال فترة ولايته، تعاونت أدنوك مع جامعة ميريلاند وجامعة مينيسوتا للمساعدة في تطوير مهارات الشباب الإماراتي.
الجوائز والتكريمات
حاز بن عمير إلى جانب جائزة الرواد من جيبكا عام 2021 على عدد من الجوائز والتكريمات، من بينها “جائزة الفرد الأكثر تأثيراً في صناعة الطاقة الإقليمية” ضمن جوائز التميز في صناعة الطاقة للعام 2004 وقد تم اختياره من خلال استطلاع عام أجرته مجلة “بايبلاين” للقراء من جميع أنحاء العالم العربي والذين أدلوا بأصواتهم لصالحه على ضوء مبادرته في دفع مجموعة أدنوك نحو تحقيق أهداف جديدة في مشاريع النفط والغاز.
ركيزة صناعية
في عام 2011، استقال بن عمير من منصبه كرئيس تنفيذي لشركة أدنوك ومن أمانة المجلس الأعلى للبترول في الإمارات العربية المتحدة، بعد أن شغل هذه المناصب لما يقرب من عقدين من الزمن. لينضم بعدها إلى شركة العائلة.
على مدار أكثر من 20 عامًا، كانت نزاهته وقيادته الحكيمة تشرف على أسواق الطاقة الوطنية في أبوظبي، فضلاً عن تأثيره في المسرح الدولي للدول الرئيسية المنتجة للنفط. وفي الوقت الذي كان فيه نجم الإمارات العربية المتحدة آخذ بالصعود، قاد بن عمير وبشغف منقطع النظير حقبة تاريخية هامة للبلاد في مجال البتروكيماويات، يحدوه التزام لا يتزعزع ورؤية واضحة للمستقبل.
بن عمير رجل ذو مكانة اجتماعية وسياسية وتجارية عالية، يحظى باحترام كبير نظراً لمساهماته الجليلة في الصناعة. يقال إن الإنجازات في الحياة هي نجاحات حققتها، لا سيما تلك التي تفتخر بها. إن مجتمع البتروكيماويات في المنطقة الذي يمثله الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات “جيبكا” فخور وممتن لكل إنجازات بن عمير، التي ستكون دون شك مصدر إلهام لجميع الأجيال القادمة. تلقى يوسف بن عمير نبأ تكريمه بجائزة الرواد بكل تواضع. وعبارات امتنانه وتواضعه تتحدث كثيراً عن شخصية الرجل باعتباره رائد حقيقي من رواد صناعة الكيماويات في الخليج، حيث قال:
“هذا التقدير على مساهمتي الصغيرة هو مكافأة كبيرة لي، شكراً لكم جميعاً .”
سيقام حفل تكريم رواد الصناعة في 8 ديسمبر على هامش منتدى جيبكا السنوي الخامس عشر. للمزيد يرجى زيارة الموقع الالكتروني على الرابط: www.gpcaforum.com